كتبت المقال مؤسسة مينتال هيلث لتوضيح أن التوتر استجابة طبيعية نعيشها جميعًا، لكنها تصبح عبئًا حين تطول أو تشتد. فبينما تدفعنا جرعة خفيفة من الضغط نحو الإنجاز، يُضعفنا الحمل الزائد حتى يؤثر في صحتنا الجسدية والنفسية.

تشير المؤسسة إلى أن تجنّب التوتر كليًا أمر مستحيل، لكن يمكن السيطرة عليه قبل أن يتفاقم. الدليل الذي أعدّته يقدّم فهماً أعمق للتوتر، أسبابه، وتأثيراته اليومية، مع نصائح عملية لإدارته.

يصف المقال التوتر كاستجابة بشرية لمواقف نشعر فيها بالعجز أو فقدان السيطرة، كضغط العمل أو الخلافات أو القلق المالي. ومع استمرار هذه الضغوط، تبدأ أعراضه بالظهور: صداع، شد عضلي، اضطراب في المعدة، تسارع نبض القلب، وصعوبات في التركيز أو النوم، إضافة إلى تغيّرات في الشهية أو المزاج.

يستخدم النص تشبيهًا جميلًا: التوتر مثل حقيبة ظهر تزداد ثقلًا كلما تراكمت المسؤوليات والهموم. إن لم يُفرّغ الإنسان هذه الحقيبة بوعي، تثقل خطواته وتتعثر حياته اليومية.

وتوضح المؤسسة أن أسباب التوتر تختلف من شخص لآخر ومن مرحلة عمرية لأخرى. المراهق يواجه ضغط الامتحانات أو التنمّر، والبالغ قد يقلق بشأن العمل، والدَين، أو صحة أحد أفراد الأسرة. لكن أبرز المسببات تتركز حول أربعة محاور:
العلاقات الاجتماعية المضطربة، اختلال التوازن بين العمل والحياة، الضغوط المالية، واللجوء إلى التدخين أو الكحول أو المخدرات كوسيلة للهروب من القلق، وهي وسائل تفاقم المشكلة أكثر مما تخففها.

بعد تشخيص الأسباب، ينتقل المقال إلى الجانب العملي: كيف يمكن إدارة التوتر بوعي؟
تبدأ الخطوة الأولى بملاحظة الإشارات المبكرة: صداع متكرر، نسيان، سرعة انفعال. وعيُنا بهذه العلامات يجعلنا نتدخل قبل أن تتحوّل إلى أزمة.

ثم يأتي تحديد مصدر الضغط، سواء كان مسألة واحدة ضخمة أو تراكمًا لأمور صغيرة. يُنصح بتتبع اللحظات التي يرتفع فيها الشعور بالتوتر وربطها بالمواقف اليومية لمعرفة ما يمكن تغييره.

بعدها، يدعو المقال إلى فحص نمط الحياة. فبعض الضغوط لا يمكن التحكم بها، لكن يمكن تقليل أثرها عبر إعادة ترتيب الأولويات أو تفويض بعض المهام. ويشير إلى أن التغييرات الكبيرة قد تكون مرهقة مؤقتًا لكنها تحسّن جودة الحياة على المدى الطويل.

النشاط البدني يبرز كأحد أكثر الوسائل فاعلية، إذ يفرز الجسم أثناء الحركة هرمونات ترفع المزاج وتقلل القلق. حتى المشي القصير أو الرقص في المطبخ يمنح طاقة متجددة وإحساسًا بالتحكم.

النوم الجيد عنصر أساسي آخر. الأرق يزيد التوتر، بينما النوم الكافي يعيد التوازن النفسي والجسدي. وينطبق الأمر ذاته على التغذية؛ فالأطعمة الغنية بالفيتامينات والأوميجا-3 تساعد على ضبط المزاج وتحسين التركيز.

وتشدّد المؤسسة على أهمية الرحمة بالذات. فالتوتر ليس فشلاً شخصيًا بل استجابة بشرية عامة. من المهم أن يذكّر الإنسان نفسه بأنه لا يُلام على مشاعره وأن يمنح نفسه فسحة من اللطف بدل النقد.

الروتين اليومي يمنح شعورًا بالثبات حين تتزعزع جوانب الحياة الأخرى. انتظام النوم والطعام والنشاط يساعد على استعادة السيطرة الداخلية. كما يشير المقال إلى أن العناية الذاتية – سواء في شكل لقاء الأصدقاء، أو مشاهدة مسلسل مفضل، أو نزهة قصيرة – تملك أثرًا علاجيًا فعّالًا.

وتحذر المؤسسة من الاعتماد على الكحول أو التدخين كمخارج مؤقتة، لأنها تخلق تبعية جديدة وتزيد من مشاكل الصحة النفسية. بدلاً من ذلك، تقترح ممارسة الوعي الذهني، وهو تدريب بسيط للحضور في اللحظة الحالية، أثبتت الدراسات قدرته على تقليل القلق وتحسين النوم والتركيز.

وفي الختام، تشجع المؤسسة على طلب المساعدة المهنية عند الشعور بالعجز عن مواجهة التوتر. الطبيب العام يمكنه توجيه المريض إلى علاج معرفي سلوكي أو برامج يقودها متطوعون مختصون.

المقال يذكّر القارئ بأن العافية لا تعني غياب التوتر، بل القدرة على إدارة حدّته وتغيير الطريقة التي نتعامل بها معه. فالحياة دائمًا ستُضيف شيئًا إلى حقيبة الظهر، لكننا نستطيع تعلّم كيف نحملها بخفة ونتوقف أحيانًا لنرتّب ما بداخلها.

https://www.mentalhealth.org.uk/explore-mental-health/publications/how-manage-and-reduce-stress